بعد أسبوع كامل قضيته في منطقة بكدلي الصاخبة والتي تعج بالحركة والعروض الليلية المختلفة في وسط العاصمة البريطانية لندن. انتقلت يوم اﻷحد أنا وزميلي سعيد إلى منطقة ساوث إيلنج الهادئة والواقعة بالقرب من مطار هيثرو. كان الجو باردا كعادته مصحوبا بأمطار خفيفة تكسر هدوئها الساحر. إسترحنا في الفندق الجديد لعدة ساعات، ثم قررنا بعدها الخروج للبحث عن مطعم يوفر مأكولات الحلال العربية أو الآسيوية،فلا فرق لدينا اﻵن؛ بعد أن أصابتنا التخمة من تناول الوجبات السريعة، وفي الوقت نفسه نستكشف معالم المنطقة الجديدة. بعد أن قطعنا شوطا طويلا نوعا ما في مهمة بحث يائسة، وقفنا بالقرب من كنيسة قديمة أنيقة البناء، تبادلنا الحوار سريعا في دخول الكنيسة من عدمه، وبين دافع الفضول والتردد قررنا الدخول،حيث يوافق هذا اليوم يوم الصلاة حسب الطقوس المسيحية ما يوفر لنا فرصة التعرف عليهم بشكل أكبر.
صادفتنا مجموعة صغيرة في الفناء الخارجي للكنيسة في جلسة تدارس لأحد المواضيع باﻹنجيل. استأذنا بالدخول وبكل سعادة رحبوا بنا واعطوا كل واحدا منا إنجيلا. ثم شرحوا بشكل مختصر عن الموضوع الذي يتحدثون عنه حيث إنا وصلنا في المرحلة اﻷخيرة من نقاشهم. بعد ذلك تقدمت ثلاث سيدات شابات لغناء مقطوعات دينية متعددة تحكي عن الرب واليسوع -أشبه باﻷناشد الدينية عندنا- تغنى بشكل جماعي. عرفنا في ما بعد أن إحداهن تقضي فترة تدريب بين المرحلة الثانوية والجامعية حيث تتدرب حاليا للذهاب إلى سيرلانكا للتبشير هناك. بعد هذا أكملت سيدة أخرى من أصول آسيوية،وغنت مجموعة مقطوعات أخرى.
بعد الانتهاء من ذلك طلب منا أن نكون مجموعات، فانضم إلى مجموعتنا المحاضر الذي كان يتحدث في أول دخولنا للكنيسة واسمه(توم)تعرفنا على بعضنا بشكل سريع. وذكر أنه عمل في تركيا سابقا حيث أنه ملم ببعض اﻷشياء عن اﻹسلام بحكم عمله هناك، كما ذكرنا له بأننا مسلمين من عمان. ثم قال أنه سيصلي لنا، وطلب مني ومن سعيد أن نحدد في أي مجال نرغب أن يصلي من أجلنا،فحدد كل وأحد فينا ما يريد ثم بدء بالحديث بصوت نسمعه وهو عبارة عن كلام في صيغة الدعاء والمناجاة فيه ذكر للمسيح والرب. انتقلنا بعدها لتناول الشاي والبسكويت حيث تعرفوا علينا خلالها بشكل أكبر. ذكرت لنا السيدة الآسيوية أنها أحضرت حلوى عراقية حيث أنها كانت هناك في مهمة عمل، كما أنها تعمل في مجال التبشير وملمة ببعض الجوانب عن اﻹسلام والقرآن.
في أثناء نقاشنا سألنا السيد توم هل هناك إستفسار معين نرغب بطرحه ومعرفته عن المسيحية. طرح زميلي سعيد سؤالا طلب منه الفهم كيف يكون الرب ثلاثة أشياء؟ وكيف أن عيسى (اليسوع او جيسس كما في اﻹنكليزية) يكون ابن الله وجزء منه ثم يموت بعد ذلك. تكلمت أحدى السيدات محاولة شرح ذلك بأن الله ارسل جزء منه ليعرفنا عليه حتى نعيش في سعادة.
ثم أكمل السيد توم ذلك مبينا أن هذه أشياء فوق طاقة العقل وهي معجزات لا نستيطع تفسيرها بفهمنا القاصر. أما نحن فبينا لهم أن عيسى عندنا هو رسول مثل محمد، وأن كثير من المسلمين يتسمون بإسمه واسم أمه مريم العذراء. طال النقاش والشرح من قبلهم لتفسير هذه النقطة. أنهينا النقاش بقولنا أنه مهما يكن فلا بد أن نحترم بعضنا بعضا ،وأن نحترم اﻷديان اﻷخرى ووعدناهم بأن نقرأ عن المسيحية بشكل أكبر. قامت السيدة الصينية بأخذ صورة تذكارية لنا ثم أعطتنا ملخص من اﻹنجيل وقرص مدمج باللغة العربية يحكي عن أناس بعضهم عرب كيف انتقلوا للمسيحة وأهتدوا للطريق الصحيح،باﻹضافة لمطوية يوجد بها أرقام التواصل معها. وقالت لنا أن نرسل لها قصصنا إذا وجدنا الطريق الصحيح الذي يدعون إليه. ثم ختموا الجلسة بالصلاة لنا بالهداية وأن يزورنا اليسوع في منامنا حتى يخبرنا أننا على الطريق الصحيح. ودعناهم وقفلنا عائدين إلى فندقنا. قضينا طريق العودة نناقشا انا سعيد ما دار لنا هناك.
توقفت لوهلة مع نفسي، وقلت أن خوض هذه النوعية من التجارب حقيقة، تساعدنا في إثراء معارفنا ومرجعياتنا في الحياة بشكل عام. كما تمثل خطوة في معرفة اﻵخر والتعرف عليه عن قرب، بعيدا عن ما يكتب ويقال وينقل. وفي ظني أن المسلم صاحب العقيدة الراسخة، لا يخاف على نفسه من زيارة الكنائس والمعابد ودور العبادة للديانات المختلفة. بل على العكس فيه ما يستدعي على التفكر والتأمل وشكر الله على نعمة اﻹسلام العظيمة. وكما أنه أيضا يساهم في خلق صورة عن المسلم المنفتح على اﻵخر وعكس صورة حسنة في وسط أناس يظللهم إعلامهم ليل نهار عن فوبيا الإسلام الذي يستبيح حياة اﻵخرين.
بقي أن أذكر في النهاية.........
"أن يسوع لم يزرنا حتى اﻵن".........
*شكر خاص:
#للصديق خلفان الخروصي على مراجعة النص وتعديل بعض الجمل ليزيد من جمالية النص.
#والشكر أيضا للصديق يونس المعمري على ملاحظاته السريعة وللصديق عيسى المعشري.
#بقي أن أشكر بطل الرحلة صديقي سعيد الرحبي فقد تعلمت منه الكثير بحكم تجربته في السفر وذكائه اﻹجتماعي اﻷخاذ.
هذا خطأ كبير..
ردحذفأن نفتح عقولنا لاكفار بإلقاء الشبه علينا بحجة ان نزكي انفسنا ونقول ان عقيدتنا راسخه!
لا تعلم ربما تلقى شبهه في نفسك وتجد لها سيطانا يوسس بها حتى يخرجك من الاسلام للمسيحيه!
اعوذ بالله من الفتن..