التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا ما زلت أحمل غيتارا



ضحى بالشهرة التي بلغها، وهو في الثامنة عشر من عمره. حيث كان من أثرياء نجوم موسيقى البوب، فقد دخلت موسيقاه وأشرطته الغنائية في ستينيات القرن الماضي، معظم البيوت في أوربا وأمريكا والعالم. لكن هناك مجموعة من الحوادث دفعت يوسف إسلام، الذي اشتهر سابقا باسم كات ستيفز، ليغير المسار الذي نشاء عليه، ويعلن إسلامه في عام 1977 في مسجد لندن المركزي.

ليس من السهل لرجل بلغ ذروة النجاح والشهرة، أن يتخلى عن كل ما بناه. لقد دفعت الآراء الفقهية المشهور في تلك الفترة القائلة بحرمة الموسيقى والغناء بإسلام؛ لترك كل إنجازاته الفنية خلف ظهره. كما أن الصحافة الغربية تنكرت له واستهزأت بالخطوة التي أقدم عليها. غادر يوسف إسلام الأضواء، ليركز على تعليم نفسه مبادئ الإسلام، ويكون أحد قادة الرجالات في الدعوة في لندن والعالم الغربي. فقد قاد مجموعة من المؤسسات الإسلامية والأعمال الخيرية وأسس أول مدرسية إسلامية في لندن.

في كتابه الذي صدر حديثا بعنوان "لماذا ما زلت أحمل غيتارا؟"، يناقش فيه رحلت الهداية من كات ستيفنز إلى يوسف. ينقلنا إلى محطات حياته بشكل مختصر وسريع، من اﻷسباب التي دعته للدخول في الإسلام، إلى جهوده المخلصة لنشر ثقافة اﻹسلام السمح، ونقل الصورة الصحيحة عن اﻹسلام الحقيقي، الذي جاء لنشر السلام. كما تحدث عن المشكلات والتحديات التى واجهته شخصيا، وواجهاها المسلمون بشكل عام في الغرب.

قد يكون الجانب الأكبر الذي أراد أن يبرزه يوسف من خلال هذه السيرة، هو رحلته الفكرية عن الغناء والموسيقى. فبعد سبعة وعشرين عاما من البحث والتعمق في دراسة الإسلام، عاد في 2006م ليحمل غيتاره مجددا لينشر الإسلام من خلال الطريقة التي تتقنها يداه. لقد أراد يوسف أن يوصل الإسلام بالطريقة التي يفهما الناس في العالم اليوم، سواء المسلمين منهم أو غير المسلمين. وكما يذكر عن أغانيه القديمة أنها قد أنقذت الكثير من الشباب في تلك الفترة من الضياع، والتغلب على تحديات الحياة؛ فإنه يريد لموسيقاه وكلماته الجديدة أن تقود الناس نحو الله " إن الموسيقى أصبحت ظاهرة كونية في عالمنا اليوم، حتى في الأدغال والمحيطات والصحاري فإن الطيور تغني، والأمواج ترتطم، والريح تهب. فللطبيعة طرق خاصة في أداء أغان رائعة تسبيحا للرحمن" ص53.

"ألوان من النقد جاءت من طرف فئة من الجماعة المسلمة، ممن رأوا في عودتي إلى الموسيقى ما يدفعهم لللإعتقاد بشكل لا يصدق أنني قد تركت الإسلام، لا قدر الله" ص81. لقد أراد يوسف إسلام أن يوصل رسالته لهذه الفئة المسلمين بأن عودته كانت نتيجة بحث طويل في القرآن والسنة النبوية والصحيحة. وعندما تبين له أنه يستطيع أن يخدم الإسلام من خلال هذا الطريق واتته الشجاعة من جديد للعودة.

ويختم يوسف سيرته بقوله " لقد كان هدفي من الكتابة عن حياتي وتصوراتي، هو تشجيع الجميع، مسلمين وغير مسلمين، على قراءة الإسلام بإنفسهم، كما قمت أنا بذلك، واكتشاف ما أوحى به الله عزوجل عبر حبيه المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم" ص 96.

 
"إن من يتسرع في الحكم على الآخرين بسبب الإختلاف الفقهي هو أقرب إلى الخطر ممن يقع في الخطأ، وعليه أن يحذر نفسه من الخطر المتربص به" 
                                                                          يوسف إسلام

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا تقرأ كتابا أكثر من مرة

اقرأ كتابا جيدا ثلاث مرات، انفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جديدة" العقاد ربما يخطر ببالك لماذا نحن بحاجة لقراءة بعض الكتب أكثر من مرة. بينما في إمكاننا قراءة كتب مختلفة في الوقت الذي نصرفة لقراءة كتاب مرة أخرى. في بعض الأحيان عندما أخبر زملائي بأني قرأت هذا الكتاب أكثر من مرة، يثير هذا الشيء لديهم بعض الفضول والتساؤل لماذا أعيد قراءة كتب قرأتها في الأساس. هناك مجموعة من الأسباب التي من أجلها يجب أن نعيد قراءة بعض الكتب. ونجد هذه العادة عند العلماء والمتخصصين وهواة القراءة كثيرا. وهي من الأمور التي ينبغي أن نمارسها؛ حتى نحصل على الفوائد التي نرجوها من بعض الكتب. والمثل الأمريكي يقول " التكرار أم المهارة". السبب الأول الذي يدفعنا لتكرار قراءة الكتب هو إسترجاع المعلومات. عادة في القراءة الأولى لا نستطيع الإحتفاظ بكم كبير من المعلومات، والأفكار التي مرت أمامنا. وأيضا لا نكون دائما في حالة تركيز ثابته في كل مرة نقرأ فيها؛ لذلك تفوت القارئ كثير من الأفكار التى لم ينتبه لها بشكل كافي. وحسب ما يذكر المختصين في مجال التعلم نحن نتذكر 10% فقط مما نقرأ. فقراءة الكت

ماذا غيرت فيك القراءة؟!

  في الرسالة التي وجهها الروائي العالمي باولو كولو لمحمد بن راشد شاكرا له إطلاقه تحدي القراءة العربي يقول في أحد مقاطعها " إن مُحاولة اكتشاف الذات هي من أصعب المهام وأكثرها متعة، هي المغامرة الوحيدة التي تُعطي لحياتنا قيمة، ولإنجازها هناك طريقتان: القراءة وخوض التجارب. وربما لا يكون أحدنا محظوظاً ليخوض تجارب كثيرة في حياته، إلا أن معظم الناس اليوم يستطيعون أن يقرأوا". لطالما شكلت القراءة لكثير من الأشخاص حجر الزاوية في حياتهم للإنطلاق إلى مسارات مختلفة، والإبحار لمناطق كانت مجهولة بالنسبة لهم.   قبل فترة كنت أتصفح موقع التدوين المصغر توتير، فوقعت على تغريدة في حساب "نزهة قارئ" -الذي يسعى لتعزيز ثقافة القراءة في المجتمع- يطرح فيها تسؤولا للمتابعين في حسابه وهو ] ماذا غيرت فيك القراءة؟ [ وبفضول كبير تتبعت إجابات المتابعين وهم من فئة الشباب. كانت إجابات رائعة ومحفزة جدا، تلمس بها حجم الأثر الذي تتركه القراءة في الأفراد الذي يتقنون منادمتها. نقلت لكم بالأسفل مجموعة من التعليقات التي شارك بها بعض المتابعين. لم أضع ترتيبا معينا للعبارات حتى أسمح لكم بالتواصل

الحصَّالة العجيبة

مشهدان يرتسمان في الذاكرة عندما أتذكر المال في مرحلة الطفولة والتي أعتقد أنها مرت على الكثيرين منا. المشهد الأول عندما قررت العائلة إدخال الحصَّالة للبيت؛ فأصبحت جزء من نظامنا في إدخار مبلغ صغير كل يوم مما علمنا قاعدة مالية مهمة وهي "أن تنفق أقل ممكا تكسب". المشهد الثاني هو عندما كانت تطلب منا إدارة المدرسة المساهمة بمبلغ سنوي للإستثمار في مقصف المدرسة، وفي نهاية كل عام نجني أرباحا مالية بقدر المساهمة التي دفعناها. وهذا علّمنا الأثر السحري لإستثمار المال في مكان آمن حتى تضمن نماء المال بشكل مستمر. لكن يبدو أن الكثرين منا نسوا هذه الدروس غير المباشرة في التعامل مع المال. وأصبحت محافظنا المالية عرضة للإستهلاك غير المدروس؛ حيث يجد الكثير من الأفراد أنفسهم في نهاية كل شهر أمام ضائقة مالية قبل نزول المرتب الشهري، أو المنحة المالية التي نحصل عليها من المكان الذي ندرس به بالنسبة للطلاب.     هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على الطريقة التي نتعامل بها مع المال، والتي تشكلت عبر مراحل نمونا. العامل الرئيسي هو مخططنا المالي وهو عبارة عن القناعات والقيم والمشاعر التي نرسمها