التخطي إلى المحتوى الرئيسي

لماذا تقرأ كتابا أكثر من مرة


اقرأ كتابا جيدا ثلاث مرات، انفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جديدة"
العقاد

ربما يخطر ببالك لماذا نحن بحاجة لقراءة بعض الكتب أكثر من مرة. بينما في إمكاننا قراءة كتب مختلفة في الوقت الذي نصرفة لقراءة كتاب مرة أخرى. في بعض الأحيان عندما أخبر زملائي بأني قرأت هذا الكتاب أكثر من مرة، يثير هذا الشيء لديهم بعض الفضول والتساؤل لماذا أعيد قراءة كتب قرأتها في الأساس.

هناك مجموعة من الأسباب التي من أجلها يجب أن نعيد قراءة بعض الكتب. ونجد هذه العادة عند العلماء والمتخصصين وهواة القراءة كثيرا. وهي من الأمور التي ينبغي أن نمارسها؛ حتى نحصل على الفوائد التي نرجوها من بعض الكتب. والمثل الأمريكي يقول " التكرار أم المهارة".

السبب الأول الذي يدفعنا لتكرار قراءة الكتب هو إسترجاع المعلومات. عادة في القراءة الأولى لا نستطيع الإحتفاظ بكم كبير من المعلومات، والأفكار التي مرت أمامنا. وأيضا لا نكون دائما في حالة تركيز ثابته في كل مرة نقرأ فيها؛ لذلك تفوت القارئ كثير من الأفكار التى لم ينتبه لها بشكل كافي. وحسب ما يذكر المختصين في مجال التعلم نحن نتذكر 10% فقط مما نقرأ. فقراءة الكتب مرة أخرى تتيح لنا الفرصة لإستيعاب محتوى الكتاب بشكل أفضل. 

الإلهام والتحفيز وأحدة من الأسباب الرئيسية التي تدفع بعض القراء لإعادة قراءة كتاب سابق. بعض الكتب تلامس شغاف القلوب وتحدث أثرا كبير في نفسية القارئ. فتترك بعض الكتب فينا أثرا فكريا أو عاطفيا أو روحيا، وهي تختلف من قارئ لقارئ آخر طبعا. فالبعض يتأثر بمحتوى الكتاب والبعض الآخر يتأثر بإسلوب الكاتب وهناك من يتأثر بالأثنين معا وهذا هو الغالب. لذلك تجد كثيرا من القراء من ينسب  الفضل لكتاب غيره أو أثر فيه أو نقله إلى مسار مختلف في حياته.

السبب الثالث هو إختلاف مستوى الوعي والإدراك للقارئ. عندما تقرأ كتابا في المرحلة الجامعية يختلف تماما عنها عندما تنتقل الى حياة العمل والتجربة فمستوى الوعي والإدراك يكون قد نضج أكثر. فعندما تعود مرة أخرى لكتاب قرأته سابقا تجد أبعادا جديدة لم تستوعبها سابقا أو لم تفهمها بالعمق الذي تكون به. وفي بعض الأحيان تكتشف وكأنك لأول مرة تقرأ هذا الكتاب. وكما يقول الكاتب الأرجنتيني آلبرتو مانغويل بطريقة شاعرية " نحن لا نعود أبدا إلى الكتاب نفسه، ولا إلى المقطع نفسه، نظرا لأننا في ظل النور المختلف نتغير، والكتاب يتغير، وتتنور ذاكرتنا ثم تخبو ثم تتنور من جديد".

هضم الفكرة والقدرة على تنفيذها هي السبب الرابع الذي من أجله لا بد أن نعيد قراءة بعض الكتب. ربما يظن البعض أن هذا السبب مشابه للسبب السابق بينما في الحقيقة هو شيء مختلف نوعا ما. يذكر أن معلما للرياضيات كان يشرح مسالة لطلابه عندما شرح في المرة الأولى، لم يستوعب الطلاب فطلبوا منه إعادة الشرح مرة أخرى، وأيضا لم يستوعبوا مجددا. في المرة الثالثة أستوعب المعلم نقطة لم يكن قد إستوعبها سابقا. الفكرة من القصة أنه كلما كررت قراءتك لكتاب معين كلما أدركت أشياء لم تكن تدركها سابقا وتزيد من قدرك لشرحها للآخرين وتوضيفها في أشياء مختلفة. في الكتب التي تحتوي أفكارا عملية وتتطبيقة على الصعيد الشخصي أو مجالات العمل أو التخصصات التي نعمل بها، يساعد التكرار في تكيف العقل لتنفيذها على أرض الواقع.

السبب الأخير ربما يكون طريفا نوعا ما لكنه يحدث. وهو عدم توفر كتب جديدة حولك؛ مما يظطرك لإعادة بعض الكتب مرات عدة حتى تحصل على كتب أخرى. تكرر معي هذا الموقف كثيرا وسمعتها من أشخاص أخرين تربطنا بهم منادمة الكتب وصداقتها.

اذا كنت من الأشخاص الذين يقراؤون بشكل دائم فربما حان الوقت لتتذكر الكتب التي ترغب بقرائتها مجددا وتضعها في قائمة لتعود إليها متى سنحت الفرصة بذلك. أما اذا كنت جديدا في عالم القراءة فلا بد أن تسأل نفسك في كل مرة تنهي بها كتابا جديدا هل تضع هذا الكتاب ضمن الكتب التي ستعود لها مستقبلا.




تعليقات

  1. كلام سليم..
    قرأت المقال مرتين للأمانه لاني ف القراءة الاولى لم اكن بكامل انتباهي، فعلا نحتاج ان نرجع للكتب التي قرأناها
    ممكن ايضا اني اكون قرئتها في فتره من حياتي وأحببت أن أعيد تلك الذكريات
    او احيانا اقرا الكتاب في مكان غير مريح ف يكون ذهني مشتت نوعا ما.
    قرأت كتابين على الهاتف بصيغة pdf وفي المعرض الاخير اصريت على اني اقتنهين حتى اعيد قرائتهن مرة اخرى

    مقال جميل،
    تُشكر��

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لك للمدخلة.. أعجبتني فكرة إعادة القراءة لإستراجاع الذكريات والمشاعر.

      حذف
  2. شكراُ لأنك تحب القراءة
    بدأت مشوار القراءة بسبب ما كتبته وما تكتبه عن القراءة.
    سأشكر لك ذلك عند الله أيضاً.



    لدي ملاحظة بسيطة، وبإمكانك التغلب عليها بالطبع ما دمت تقرأ والقراءة ستكسبك ذلك بكل تأكيد،

    توجد لديك بعض الأخطاء الإملائية والتي تتركز في الضاء والظاد وتنسى دائما حرف المد" الألف" في بعض الكلمات.



    ردحذف
  3. شكرا لمتابعتك ما أكتب :)

    سعيد جدا بمداخلتك..

    بإذن الله سأحول تجاوز الأخطاء في المرات القادمة.

    دمت بود..

    ردحذف
    الردود
    1. وفقك الله لكل الخير.

      شكرا لتقبلك ملاحظتي

      حذف
  4. في إنتظار التدوينة القادمة❤

    ردحذف
    الردود
    1. اليوم نزلت التدوينة الجديدة :)

      حذف
    2. اقرأها حاليا��
      استنى الرد

      حذف
  5. مهما عجبني أي كتاب ما أفكر ارجع اقرأه مره ثانية خصوصا إذا كانت رواية لأني أكون عرفت النهاية و فقدت المتعة في إعادة قرائتها

    ردحذف
    الردود
    1. جرب/ي قراءة كتاب سبق لك قرائته قبل عام أو أكثر غير الروايات.. وننتظر النتيجة

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ماذا غيرت فيك القراءة؟!

  في الرسالة التي وجهها الروائي العالمي باولو كولو لمحمد بن راشد شاكرا له إطلاقه تحدي القراءة العربي يقول في أحد مقاطعها " إن مُحاولة اكتشاف الذات هي من أصعب المهام وأكثرها متعة، هي المغامرة الوحيدة التي تُعطي لحياتنا قيمة، ولإنجازها هناك طريقتان: القراءة وخوض التجارب. وربما لا يكون أحدنا محظوظاً ليخوض تجارب كثيرة في حياته، إلا أن معظم الناس اليوم يستطيعون أن يقرأوا". لطالما شكلت القراءة لكثير من الأشخاص حجر الزاوية في حياتهم للإنطلاق إلى مسارات مختلفة، والإبحار لمناطق كانت مجهولة بالنسبة لهم.   قبل فترة كنت أتصفح موقع التدوين المصغر توتير، فوقعت على تغريدة في حساب "نزهة قارئ" -الذي يسعى لتعزيز ثقافة القراءة في المجتمع- يطرح فيها تسؤولا للمتابعين في حسابه وهو ] ماذا غيرت فيك القراءة؟ [ وبفضول كبير تتبعت إجابات المتابعين وهم من فئة الشباب. كانت إجابات رائعة ومحفزة جدا، تلمس بها حجم الأثر الذي تتركه القراءة في الأفراد الذي يتقنون منادمتها. نقلت لكم بالأسفل مجموعة من التعليقات التي شارك بها بعض المتابعين. لم أضع ترتيبا معينا للعبارات حتى أسمح لكم بالتواصل

الحصَّالة العجيبة

مشهدان يرتسمان في الذاكرة عندما أتذكر المال في مرحلة الطفولة والتي أعتقد أنها مرت على الكثيرين منا. المشهد الأول عندما قررت العائلة إدخال الحصَّالة للبيت؛ فأصبحت جزء من نظامنا في إدخار مبلغ صغير كل يوم مما علمنا قاعدة مالية مهمة وهي "أن تنفق أقل ممكا تكسب". المشهد الثاني هو عندما كانت تطلب منا إدارة المدرسة المساهمة بمبلغ سنوي للإستثمار في مقصف المدرسة، وفي نهاية كل عام نجني أرباحا مالية بقدر المساهمة التي دفعناها. وهذا علّمنا الأثر السحري لإستثمار المال في مكان آمن حتى تضمن نماء المال بشكل مستمر. لكن يبدو أن الكثرين منا نسوا هذه الدروس غير المباشرة في التعامل مع المال. وأصبحت محافظنا المالية عرضة للإستهلاك غير المدروس؛ حيث يجد الكثير من الأفراد أنفسهم في نهاية كل شهر أمام ضائقة مالية قبل نزول المرتب الشهري، أو المنحة المالية التي نحصل عليها من المكان الذي ندرس به بالنسبة للطلاب.     هناك مجموعة من العوامل التي تؤثر على الطريقة التي نتعامل بها مع المال، والتي تشكلت عبر مراحل نمونا. العامل الرئيسي هو مخططنا المالي وهو عبارة عن القناعات والقيم والمشاعر التي نرسمها