التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أشعر بالراحة

استيقظ في صباح أحد اﻷيام ليجد كل اﻷحلام التى أرهقت مخيلته لسنوات، قد أصبحت من وحي الماضي. لقد تبدد كل شيء بزواج الفتاة التي كان يحلم بها على مدار السنين اﻷربع في مقاعد الدراسة، ليجدها تذهب إلى شخص آخر غيره. لتضاف مرة أخرى هذه القصة في كتاب اﻷشخاص الذين لم تسر الحياة وفق ما كانوا يحلمون به.
 
قد يكون أحد أسباب عدم رضانا وتعاستنا على ما نحن عليه وما نعيشه؛ ناتجا عن فكرة لم نتقبلها حتى اﻵن. لذلك ينبغي علينا حتى نعيش في سلام وانسجام مع ذواتنا وبشريتنا، أن نشعر بالراحة لفكرة وجود هذه اﻷمور في حياتنا. فهي في النهاية تعبر عن بشريتنا المتناقضة، التى تحتاج للضد حتى تكتمل. هناك كثير من اﻷشياء التى أرى أننا بحاجة للشعور بالراحة لوجودها في حياتنا. سأذكر بعضها وأبقى مهمة تتبع اﻷشياء الأخرى عليك.
 
ينبغي أن تشعر بالراحة لفكرة أنك ستفشل في الحياة مرات كثيرة. قد تفشل في مشروع، أو عمل تجاري، أو اجتياز مرحلة دراسية، أو علاقة زوجية، أو حتى في مرحلة كاملة من عمرك. لا بأس؛ فهذه طبيعة الحياة نزول وصعود، وفي كل مرة نتعلم شيئا جديدا حتى نكبر وننمو.
 
ينبغي أن تشعر بالراحة لفكرة أن مشاعرك متقلبة فهي لا تسير على وتيرة واحدة. إنها تتأرجح بين المشاعر المرتبطة بالماضي أو الحاضر أو المستقبل. تشعر بالحزن حينا وبالامتنان حينا، تشعر بفقدان المعنى حينا والشعور باﻹشباع حينا، تشعر بالخوف حينا وبالثقة واﻹقدام حينا. فتركيبة مشاعرنا مبنية على اﻷفكار والصور الذهنية التى نركز عليها بشكل مستمر، ومعناها بالنسبة لنا.
 
ينبغي أن تشعر بالراحة لفكرة أن ظروف الحياة لا تسير بالطريقة التي تريدها. فقد لا تتوظف في العمل الذي تحلم به، أو لا تدرس بالتخصص الذي جاهدت للدراسه به، أو لا تتزوج من الفتاة التي كنت ترغب بالزواج منها، أو لم توفق لشراء اﻷرض التى تنوي الاستقرار بها. اجعل يقينك أن خلف كل شيء حكمة ومصلحة أريدت لك أو لغيرك. ربما ستعرفها يوما أو لن تعرفها أبدا.
 
ينيغي أن تشعر بالراحة لفكرة أن الناس من حولك ليسوا كلهم بالمستوى الذي تريده. فقد يكون أقرب الناس لك؛ هو من يسبب لك بالغ اﻷلم في حياتك. وشخص آخر لم تلده لك أمك؛ يكون أكبر سبب في نجاحك وسعادتك. كل إنسان عالم مختلف من الاهتمامات والميول والرغبات والقناعات. فالكمال البشري للأنبياء فقط.
 
ينبغي أن تشعر بالراحة لفكرة المشقة والجهد التي ينبغي أن تبذلها للوصول ﻷي شيئ ذا قيمة؛ سواء كان جهدا جسديا أو عقليا أو عاطفيا أو روحيا أو كلها جميعا. لا يوجد شيئ مجاني في الحياة، فقط في سحوبات الحظ قد تجد ذلك. من اﻷفضل أن نكيف أنفسنا بشكل مستمر، إذا كنا نطمح للوصول إلى اﻷهداف العظيمة.
 
ينبغي أن تشعر بالراحة لفكرة أنك ناقص. ربما يجد البعض صعوبة في تقبل ذلك؛ لكن هذا ما ينبغى أن تعيه. نعم أنت عظيم ﻷنك تملك اﻷسباب والقدرات واﻹمكانات التي تجعلك تبدع وتنجز وتساهم إذا قررت أن تفعل ذلك. لكنك في النهاية أنت ناقص ﻷنك محتاج لغيرك. كما أن أدنى نسمة هواء قد تسبب لك مرضا لعدة أيام. وأنت ناقص ﻷن فكرة بسيطة قد تعكر مزاجك ليوم كامل. اﻹنسان الواعي بنقصه هو الذي يتواضع مع ربه ونفسه ومع الآخرين من حوله مهما بلغ. أما اﻹنسان الفارغ فنراه متعاليا، يدلل على نقصه بغروره.
 
وأخيرا ينبغي أن تشعر بالرحة لفكرة أنك أنت هو أنت. هناك فئة من الناس غير راضين عن لون بشرتهم أو عن العائلة التي ينتمون لها أو عن غيرها من اﻷمور التى لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا حيالها. هذه اﻷشياء في حد ذاتها لا تعني شيئا؛ المشكلة في عقل صاحبها. فنحن لا نختار هذه اﻷشياء بأنفسنا لذلك ينغي أن نتقبلها كما هي.
 
ملاحظة: هذه التدوينة أحد المشاركات التى ستدخل في مسابقة التدوين الثانية للمدون عبدالله المهيري.

تعليقات

  1. تدويناتك رائعة جداً وذلك من حيث أنها إنسانية للغاية, أعجبتني الأفكار في التدوينة أعلاه, بالذات المتعلقة في ضعف/قوة الإنسان, فهبة هواء قد تطرحه, وقد يملك القوة التي ينقل فيها جبال من أماكنها إذا أحسن التدبير.

    تحياتي لك وأرجوك, استمر في التدوين لمنفعتك أولا ثم لجميع الناس

    ردحذف
  2. شاكر مرورك أخي علي..وأشكر تشجيعك الرائع.

    دمت بود...

    ردحذف
  3. ماشاءالله .. روعة كتابتك جدا احمد... واصل المشوار

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لماذا تقرأ كتابا أكثر من مرة

اقرأ كتابا جيدا ثلاث مرات، انفع لك من أن تقرأ ثلاثة كتب جديدة" العقاد ربما يخطر ببالك لماذا نحن بحاجة لقراءة بعض الكتب أكثر من مرة. بينما في إمكاننا قراءة كتب مختلفة في الوقت الذي نصرفة لقراءة كتاب مرة أخرى. في بعض الأحيان عندما أخبر زملائي بأني قرأت هذا الكتاب أكثر من مرة، يثير هذا الشيء لديهم بعض الفضول والتساؤل لماذا أعيد قراءة كتب قرأتها في الأساس. هناك مجموعة من الأسباب التي من أجلها يجب أن نعيد قراءة بعض الكتب. ونجد هذه العادة عند العلماء والمتخصصين وهواة القراءة كثيرا. وهي من الأمور التي ينبغي أن نمارسها؛ حتى نحصل على الفوائد التي نرجوها من بعض الكتب. والمثل الأمريكي يقول " التكرار أم المهارة". السبب الأول الذي يدفعنا لتكرار قراءة الكتب هو إسترجاع المعلومات. عادة في القراءة الأولى لا نستطيع الإحتفاظ بكم كبير من المعلومات، والأفكار التي مرت أمامنا. وأيضا لا نكون دائما في حالة تركيز ثابته في كل مرة نقرأ فيها؛ لذلك تفوت القارئ كثير من الأفكار التى لم ينتبه لها بشكل كافي. وحسب ما يذكر المختصين في مجال التعلم نحن نتذكر 10% فقط مما نقرأ. فقراءة الكت

ماذا غيرت فيك القراءة؟!

  في الرسالة التي وجهها الروائي العالمي باولو كولو لمحمد بن راشد شاكرا له إطلاقه تحدي القراءة العربي يقول في أحد مقاطعها " إن مُحاولة اكتشاف الذات هي من أصعب المهام وأكثرها متعة، هي المغامرة الوحيدة التي تُعطي لحياتنا قيمة، ولإنجازها هناك طريقتان: القراءة وخوض التجارب. وربما لا يكون أحدنا محظوظاً ليخوض تجارب كثيرة في حياته، إلا أن معظم الناس اليوم يستطيعون أن يقرأوا". لطالما شكلت القراءة لكثير من الأشخاص حجر الزاوية في حياتهم للإنطلاق إلى مسارات مختلفة، والإبحار لمناطق كانت مجهولة بالنسبة لهم.   قبل فترة كنت أتصفح موقع التدوين المصغر توتير، فوقعت على تغريدة في حساب "نزهة قارئ" -الذي يسعى لتعزيز ثقافة القراءة في المجتمع- يطرح فيها تسؤولا للمتابعين في حسابه وهو ] ماذا غيرت فيك القراءة؟ [ وبفضول كبير تتبعت إجابات المتابعين وهم من فئة الشباب. كانت إجابات رائعة ومحفزة جدا، تلمس بها حجم الأثر الذي تتركه القراءة في الأفراد الذي يتقنون منادمتها. نقلت لكم بالأسفل مجموعة من التعليقات التي شارك بها بعض المتابعين. لم أضع ترتيبا معينا للعبارات حتى أسمح لكم بالتواصل

اولا: إكسر كل القواعد

أحد أهم القرارات في مجال القراءة لهذا العام هو التركيز على كتب التخصص في الإدارة [المجال الذي اعشقه ^_^]، ومجال العمل في إدارة المشاريع والتدريب. وسأتكلم عن كتاب قرأته قبل فترة وهناك كتاب تحت القراءة سأتكلم عنه لاحقا.   اولا: إكسر كل القواعد "First, Break All The Rules" هذا الكتاب مبني على دراستين قامت بهم مؤسسة جالوب على مدار 25 عام: الأولى ركزت على الموظفين وقد طرحت سؤال "ماذا يطلب الموظفون الأكثر موهبة من مكان عملهم؟" وشملت أكثر من مليون موظف من مؤسسات وقطاعات مختلفة. واحد الخلاصات الرئيسة لهذا البحث أن مدة بقاء الموظف في الشركة أو مقدار إنتاجيته يعتمدان على علاقته بمديره المباشر. وهو يؤكد المقولة "أن الموظفين يتركون المديرون وليس المؤسسات". واحد أبرز المقارنات اللطيفة عندما سئل موظفون يعلمون في نفس الشركة لكن في أفرع مختلفة ويمتكلون نفس الأدوات إلا أن تقيمهم كان مختلفا تماما ويرجع السبب إلى المديرين المباشرين لهم. وهذا يشير إلى أنه قد تتواجد بيئات مختلفة في نفس الشركة بناء على المديرين الذين يتولون إدارة الأقسام والمشاريع.   البحث ال